اغتنام الإجازة الصيفية

الوقت أغلى من الذهب لأنه هو الحياة، والشباب المسلم لا يليق أن يضيع أوقاته في اللهو والعبث، لأن الأوقات التي تذهب لا تعود، ومن غفل عن أوقاته طالت حسراته، كما يتحسر المريض على أيام صحته ونشاطه. وقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ".
فالمسلم الذي تجتمع عليه نعمتان هما الصحة في البدن، والفراغ في الوقت، ينبغي عليه أن يؤدي حقهما من الشكر لله سبحانه، بالاستفادة منهما في طاعته ونيل مرضاته، فإذا فرّط في هذا فهو المغبون الخاسر، لأن الصحة يعقبها السقم، والفراغ يعقبه الشغل. وكما أن التاجر يطلب الربح في عمله ولا يرضى الغبن والخسارة، فكذلك الشاب المسلم رأس ماله صحته وفراغه، لا يفرط بأي شيء منهما في غير طاعة الله التي هي التجارة الرابحة { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون}.
وقد قال أحد السلف : إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني من الله فلا بورك في شمس ذلك اليوم.
فلا تظنن أخي الشاب أن الإجازة تعني اللهو وضياع الأوقات وهدر الساعات ، وإنما هي انتقال من مرحلة السنة الدراسية إلى مرحلة النشاط الهادف، بما يمتع النفس ويمنحها مزيدا من الفائدة، وبما يقوي صلتك بربك سبحانه ويغذي روحك.
ولهذا نوصي الشباب بالإقبال على القرآن الكريم ، تلاوة وحفظا وتدبرا وفهما وتطبيقا .. والحرص على أداء الصلوات الخمس في المساجد، وتنظيم أوقاتهم بإشراف الآباء والمربين والصالحين، وشتان بين من يقضي إجازته في النوم والكسل واللهو والمعاصي، ومن يقضيها في العمل المثمر ، والنشاط الهادف البناء ، وتنمية المواهب والطاقات والهوايات والقدرات، بما يصلح الفرد والمجتمع.
وأنتن أيتها الفتيات بادرن إلى اغتنام الأوقات، فالعمر محدود، ووقت الشباب لا يعود، وستكبر الفتاة وتتزوج وتصبح أما مسؤولة عن أسرة فلا تجد الوقت الكافي لتنمية مواهبها،والاستزادة من العلم النافع.
وكم من فتاة ندمت بعد زواجها على ما ضاع من أوقات صباها، وهي ترى زميلاتها الأخريات قد بادرن إلى حفظ القرآن الكريم، والتزود من العلوم النافعة والمعارف والثقافة.
وليضع الشباب والشابات نصب أعينهم حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم):" اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك،وصحتك قبل سقمك،وغناك قبل فقرك،وفراغك قبل شغلك،وحياتك قبل موتك".
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: العارف ابن وقته، فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها، فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت، وإن ضيعه لا يستدركه أبدا..ووقت الإنسان عمره في الحقيقة.. وهو يمر أسرع من السحاب.
ومن الآفات التي يقع فيها كثير من المسلمين أنه إذا لمس من نفسه نشاطا يؤهله لأعمال نافعة جاءه الشيطان يسوف له، ويذكره بمشاغل أخرى ليضيع وقته.
ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله : إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك، فإن يكن غد لك فكن في غد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن لك غد لم تندم على ما فرطت في اليوم.
وما أحسن قول الشاعر: والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
فهل يبادر شبابنا إلى اغتنام أوقاتهم وأعمارهم أم يشغلهم الشيطان ويسوّل لهم حتى تضيع تلك الأوقات الثمينة باللهو والغفلة والفجور.

بارك الله فيك اخي ياسر
موضوع يستحق الإشادة