السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فائدة : المتشابه في القرآن نوعان
أحدهما: تشابه عام، وهو أن تكون الآية متشابهة على كل أحد، وهذا يرد إلى المُحكَم الواضح البيِّن فيفسر به فيزول الاشتباه، فيكون واضحًا مبينًا؛ لأن الله وصف القرآن بأنه كله بيان وهدى ومبين. ومثال ذلك قوله: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ وقوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ﴾ يُرد إلى قوله تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ ويفسر "نحن" بالواحد المعظِّم نفسه، أما تفسير الرازي وأمثاله للمتشابه بالمجمل أو المشترك الذي لا يعرف معناه فهو تفسير باطل.
الثاني: تشابه خاص: وهو أن تكون الآية متشابهة على بعض الناس، فهذا تشابه إضافي نسبي، ولا يختص بشيء دون شيء، ومثال ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ﴾ تُرد إلى قوله تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ وقوله: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ .
ويفسر قوله: ﴿ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ﴾ أي: علمه في السماوات والأرض؛ بدليل قوله: ﴿ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ ﴾ .
ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ يرد إلى الآيات السابقة، وتفسر الآية بأنه معبود في السماء ومعبود في الأرض، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ .
ومن علامة أهل الزيغ الاستدلال بالمتشابه وترك المحكم كما قال -تعالى- في هذه الآية: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ .
وأما أهل الحق فيردون المتشابه إلى المحكم فيفسرون به، ويؤمنون به ويعملون بالجميع كما قال -تعالى- في هذه الآية: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ أما قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ﴾ فالمعنى: متشابه في البيان والإيضاح والإحكام والتناسب، وأما قوله: "مثاني" أي: أنه تثنى فيه القِصص والأخبار وصفات أهل الجنة وأهل النار وصفات المتقين والفجار.
أفاده فضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز الراجحي - حفظه الله تعالى -