قال ابن القيّم رحمه الله تعالى :
( الذنب قد يكون أنفع للعبد إذا اقترنت به التّوبة من كثير من الطّاعات )
وهذا معنى قول بعض السلف : قد يعمل العبد الذنب فيدخل به الجنّة ، قالوا : كيف ذلك ؟
قال : يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه إن قام وإن قعد وإن مشى : ذكر ذنبه فيحدث له انكساراً وتوبة واستغفاراً وندماً فيكون ذلك سبب نجاته .
فيكون الذّنب موجباً لترتّب طاعات
ومعاملات وحسنات قلبيّة كخوف الله والحياء منه والإطراق بين يديه منكساً خجلاً مستقيلاً ربّه .
فإذا أراد الله بالعبد المتكبّر المعجب بنفسه خيراً
ألقاه في ذنب يكسره به ويعرفه قدرهو يستخرج به منه داء العجب والكبر .
كما قيل
بلسان الحال في قصّة آدم وخروجه من الجنّة :
يا آدم - لا تجزع من كأس زللٍ كانت سبب كيسِك
فقد استُخرج بها منك داء لا يصلح أن تجاورنا
به وأُلبست حلّة العبوديّة .
يا آدم - إنّما ابتليتك لأنّي أحبّ أن أظهر فضلي
وجودي وكرمي على من عصاني .
يا آدم - كنت تدخل عليّ دخول الملوك على الملوك واليوم تدخل عليّ دخول العبيد على الملوك .
يا آدم - إذا عصمتك وعصمت بنيك من الذّنوب
فعلى من أجود بحلمي ؟
وعلى من أجود بعفوي ومغفرتي وتوبتي وأنا التّوّاب الرّحيم ؟
يا آدم - لا تجزع من قولي لك اخرج منها، فلك خلقتها
وما أهبطتك منها إلاّ لتتوسّل إليّ في الصّعود وما أخرجتك منها نفياً لك عنها ، ما أخرجتك منها إلاّ لتعود .
يا آدم - ذنب تذلّ به لدينا أحبّ إلينا من طاعة تدلّ بها علينا .
يا آدم
أنين المذنبين أحبّ إلينا من تسبيح المدلّين .