أسئلة.. بلا جواب
أمام باب الخيمة الصغير وقف الطفل المسلم يسأل أباه عن قريتهم الجميلة وبيتهم الواسع ومرابع طفولته
لماذا ضاع كل هذا؟
وتزيد الأسئلة ويشيح الأب بوجهه وتخنقه العبره فليس لديه سوى جواب واحد
إنهم اليهود يا بني.. إنهم اليهود
اليهود..
اليهود..
*******
ولدي يسائلني وقد رقد الانام ولم ينم
والليل يلتحف السواد وفجر أحلامي انهزم
ودوي قنبلة هنا… وهناك ترتفع الحمم
ويبيت يفترش التراب وساده دمع ودم
وأنا أكفف دمعة الزاكي ويأسرني الألم
*******
أبتاه كيف نعيش في هذه الخيام البالية
وإلام أبصر أختي الصغرى هنالك عارية
وإلام أسمع ألف باك في العراء وباكية
ومتى سنرجع للحقول وتستريح الماشية
وإلى متى ستظل أصوات التوجع عالية
*******
أبتاه أين حديثك الماضي عن الوطن الجميل
ما باله انقلب حداه فصار يحدو للعويل
كم كان يطربني حديثك حين أسري بالرسول
كم كان يسعدني تذكر بيت لحم والخليل
والبرتقال الحلو في يافا وهاتيك النخيل
*******
أو ليس يا أبتاه لي أم كما كل البشر
أنا لم أشاهد وجهها الداني ولم أجد الصور
ولقد سمعت بقصة عنها فهل صدق الخبر
أفهل صحيح أن لغماً في يدي أمي انفجر
كانت تهب لنجدة لله في وقت السحر
*******
أناس يا أبتاه ما علموا بقصة حسرتي
هم شاهدوا في شاشة التلفاز وجه الدرة
وأنا أرى درراً تموت وما بدت بالصورة
أنا يا أبي أتخمت من هذه الثمار المرة
أنا يا أبي أشتاق دوماً للحياة الحرة
*******
أبتاه فيم نضل نلهث للسلام مع اليهود
أولم تكن حدثتني عن انهم نقضوا العهود
وذكرت لي يوما بأن جدودنا كانوا الأسود
فإلام أشبال الأسود تهاب أحفاد القرود
حتام ترفل في النعيم ونحن نرسف في القيود
*******
أوليس نقرأ في الكتاب وفي الحديث عن الجهاد
أولم يكن أجدادنا فيما مضى فتحوا بلاد
ومضوا بشرع الله في كل الممالك والعباد
لم يعرفوا والأرض ترجف تحتهم طعم الرقاد
وصفوفهم كانت أقل من العدو ولا عتاد
*******
أين الفيارق والبيارق يا أبي والصافنات
أين الجحامل والمحامل مالها تشكوا الشتات
أين الطوارق والأذنه والسيوف القاطعات
أين المغيره والمثنى أين أهل المكرمات
أين ابن أيوب ومن بكسوحهم خضب الروات
*******
ومضى يفجر حزني الخافي بتلك الأسئلة
كانت أشد علي من قصف بألفي قنبلة
وطفقت أستمع الحديث وكل شأني الحوقلة
أبني أنت قتلت نفساً بالمواجع مثقلة
وجواب والدك الدموع من المحاجر مسبلة
*******
إن كنت تنتظر الجواب فليس عندي من جواب
أنا يا بني ولدت مثلك بين جنبي العذاب
ولقد جرعت كما تجرع والدي هذا المصاب
خمسون يا ولدي تمر.. ونحن نفترش التراب
خمسون.. والعرب الأشاوس في ملاحقة السراب[i]