منذ زمن بعيد يجذب المد والجزر انتباه علماء الفلك، ولقد نسبهم غاليلو خطأً إلى دوران الأرض، وعرف نيوتن فيما بعد أن مفتاح هذه الظاهرة يكمن في جاذبية القمر وجاذبية الشمس. (بأقل مقدار)
ولماذا ظاهرة المد والجزر؟
لنأخذ تأثير القمر على الأرض، فإن القمر بفعل كتلته يمارس قوة جاذبية على كوكبنا. وإن هذه القوة تزداد كلما كنا بالقرب من القمر (أنظر الجزء الخاص بالجاذبية). إن نقطة الكرة (نطلق عليها القوة A) تقع على محور الأرض- القمر وينجذب أكثر من ناحية القمر، بينما تكون نقطة القطر المقابلة (نطلق عليها B) أقل انجذاباً. ففي الشكل التالي وهو مقطع استوائي للنظام الشمس- القمر، تمثل الأسهم الحمراء قوة الجاذبية التي يمارسها القمر على نقاط مختلفة في الكرة الأرضية. وإذا كانت هذه القوة متساوية في كل المواقع (نفس الاتجاه ونفس الكثافة)، فإن الأرض لن تتأثر. إن تأثير الاختلاف هو الذي يخلق المد والجزر، ويتمثل في اللون الأخضر: إن القوة في مصدر ظاهرة المد والجزر تكمن في الاختلاف بين القوة الممارسة عند كل نقطة (على سبيل المثال الأسهم الحمراء في A,B,C,D ) والقوة الممارسة في مركز الأرض (سهم أحمر مركزي).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ماذا سنري إذا وقفنا في مركز الأرض؟ من جهة، تبدو الأرض منجذبة بفعل القمر (في A)، ومن جهة أخري تبدو الأرض مدفوعة (في ب B): ويُفسر هذا بتغيير كوكبنا المسطح قليلاً. وبالنسبة لمركز الأرض، فإن المنطقتين أ و ب A,B مرفوعين في نفس الوقت. وتظهر ظاهرة المد في الشكل في نقطتي أ و ب وتنخفض في نقطتي ج و د. إن التغيير يظهر بصورة أكبر عند خط الاستواء (يدور القمر في المستوي الاستوائي للأرض) وينخفض تدريجيا نحو الأقطاب معطيا لكوكبنا شكل كرة ركبي (مجسم ناقص في الشكل). نذكر أيضاً أن هذا التغيير بسيط (بمقاس 40 سم مقارنة بقطر الأرض: 6400 كم) لأن جاذبية الأرض أكثر كثافة بملايين المرات من القوة المسئولة عن "التكدسات". ويكفي هذا التغيير على انتقال أفقي للكتل الماء الهائلة، وهذا يُترجم بمدي المد والجزر الذي يمكن أن يصل إلى 15 متراً في
نذكر أن القمر لم يكن يدور حول الأرض وإذا كانت الأرض لم تكن تدور حول نفسها (بسرعة مختلفة)، كان القمر سيظل دائماً على الخط العمودي لنفس المكان على الأرض. وفي هذه الحالة، يكون التغيير سكوني، وتكون القشرة الأرضية والمحيطات في حالة توازن، مختلفة قليلاً عن الحالة الكروية. إذاً فإن الحركة المقترنة للجاذبية والدوران هي التي تخلق تعاقب المد والجزر.
لماذا يحدث المد والجزر مرتين في اليوم؟
وما يهم هنا أن نذكر أن التغيير الذي حثه القمر هو تغيير قياسي وينتج تكدستين. ويمكننا أن نعتبر أن القمر غير متحرك بينما تدور الأرض، حيث أن دورة القمر حول الأرض أبطأ بكثير (تستغرق 27 يوماً) من دورة الأرض حول نفسها (تستغرق 24ساعة). وبما أن محور التكدستين يظل محور الأرض- القمر، فالمشاهد الثابت من الأرض سيرى هذان التكدستان تمران في 24 ساعة، أي أنه يوجد مد أو جزر مرتين في اليوم.
وفي الواقع، تجعل دورة القمر البطيئة حول الأرض، الدورة تختل بحوالي 1/27 من اليوم (أقل من الساعة بقليل) في اليوم، وهذا ما يمكن تفقده يوميا على مواعيد المد والجزر. اطلع عن هذا الموضوع على مواقع ومواعيد المد والجزر في العالم.
تأثير القمر والشمس على مدي المد والجزر
إن الشمس والأرض هما الجسمان اللذان يمارسان جاذبية كافية لتوليد آثار المد والجزر على الأرض. إن الشمس أكثر كثافة من القمر، وأيضا أبعد بكثير من الأرض من القمر، ولهذا فإن الشمس لا تساهم إلا بحوالي ثلث المد والجزر على الأرض. ووفقاً لمواقع كل من الأرض والقمر والشمس، تزداد مساهمتهما (القمر والشمس)، أنظر حالة (1) فيما يلي، أو قد أبطل أحدهما مفعول الآخر، أنظر حالة (2). و طبعا إن كل الأشكال الوسطية متاحة.
(1) حينما تكون الأجسام الثلاثة مستقيمة على خط واحد فنحن نتحدث عن مد وجزر مياه نشطة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شكلين للارض والقمر والشمس ينتجان مد وجزر لمياه نشطة (إن تناسب المسافات غير مراعي).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة](2) حينما يكون القمر والشمس بزاوية مستقيمة بالنسبة للأرض، فنحن نتحدث هنا عن مد وجزر لمياه راكدة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شكلين للأرض والقمر والشمس ينتج عنهم مد وجزر مياه راكدة (إن تناسب المسافات غير مراعي).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نتائج اخري هامة لوجود المدر والجزر
إن دورة الأرض حول نفسها سريعة جداً: بالنسبة للقمر، نقطة من الخط الاستوائي الأرضي تنتقل بسرعة 1620 كم/ ساعة. إن وقت استجابة القشرة الأرضية طويل بصورة كافية للإنتاج تكدس بواسطة دوران الأرض: فيزاح قليلا بالنسبة لمحور الأرض- القمر. وتمارس جاذبية القمر على التكدس، قوة تكبح دوران الأرض، إذاً تطيل دورة اليوم / الليل. ويوجد إثبات على هذه الظاهرة عند تحليل الشعب المرجانية التي يبلغ عمرها 500 مليون سنة: فمنذ زمن كانت دورة النهار/ الليل تستغرق 22 ساعة.
ويوجد نتيجة أخرى ترتبط بالنتيجة السابقة وهي البعد التدريجي للقمر . إن الحفاظ على دوران نظام الأرض- القمر يجعل أن الأرض إذا أبطأت (و هي الحالة المذكورة سابقا أنظر أعلي)، إذا فيجب إن يبتعد القمر. وتوضح مقاييس المسافة الأرض- القمر أن القمر التابع للأرض يبتعد عن الأرض بمعدل 4 سم كل عام.
ونلخص كل ذلك بالقول بأن المد والجزر له نتائج مذهلة في مد دورة اليوم / الليل وابتعاد القمر عن الأرض.