من المعروف أن النشاط الرياضي له فوائده الصحية والجسمية على الأفراد في هذا العصر الحديث أكثر من العصور السابقة، لأن هذا العصر يتميز بالتكنولوجيات المريحة للجسم البشري. واستخدام وسائل التكنولوجيا في التنقل والصعود والاتصال جعل الإنسان كسولاً قابعاً في مكانه قليل الحركة متقوقعاً في أوضاعه متأثراً في قوامه معانياً من آلامه النفسية والجسدية والاجتماعية، وكون الجسم البشري أمانة عند صاحبه فلا بد من الاعتناء به عن طريق رعاية هذا الجسم تغذوياً ونفسياً واجتماعياً ورياضياً.
وحتى يتسنى الإعداد البدني للقوة فلا بد من التدريب الرياضي المقنن الذي يتطور من خلاله الجسم فينشط ويقوي. كما أن للإسلام مفهوماً متطوراً بالنسبة للنشاط البدني فلم يكن مقصوراً على استخدام القوة لمجابهة الأعداء للحرب بل تعدى ذلك إلى الاهتمام بالقوام الجميل وتطوير القدرات الذاتية وبناء الجسم السليم.
وللرياضة أهمية بالغة بالنسبة للجسم. ولكن المشكل يكمن في الإكثار منها أثناء رمضان. بالنسبة للمتمرس ليس هناك مشكل فقط عليه أن يراعي وقت مزاولة هذه الرياضة، فهناك من ينصح بالصباح لأن نسبة السكر في الدم تكون مرتفعة، فأية حركة يقوم بها الجسم تتطلب طاقة وهذه الطاقة أول من يعطيها هو السكر. في الصباح تكون هذه النسبة مرتفعة وتنخفض في المساء، وهناك من ينصح بمزاولة الرياضة قبل وجبة الفطور، هذا بالنسبة للمتمرس. أما غير المتمرس الذي لا يتعاطى الرياضة إلا في هذا الشهر الكريم نقول له أن الرياضة ضرورية للجسم لكن وجب الاحتياط، وإذا كان ممكنا استشارة طبيب مختص في القلب قبل مزاولة الرياضة لأن القلب هو المتضرر الأول إذا كان صاحبه ممن يعانون من مرض القلب. كما يجب عليه التدرج، فيزيد كل يوم في حصته الرياضية عن
اليوم السابق. لذلك من الأحسن لمن يريد مزاولة الرياضة في رمضان أن يبدأ مزاولتها قبل هذا الشهر. بعد الإفطار يجب تعويض كمية الماء التي فقدها الجسم أثناء مزاولة الرياضة. فمُزاول الرياضة يجب أن يشرب الماء أكثر من الذي لا يمارسها.
ووفقاً لآراء الخبراء المبنية أساسا على الدراسات العديدة يمكن القول أن الصيام لا يضعف الجسم من جهة ولا يمنع الإنسان من مزاولة أعماله المعتادة والتمارين الرياضية ومما لاشك فيه أن مزاولة التمارين الرياضية في شهر الصيام ينبغي أن تخضع لقواعد مختلفة كما هي في غير هذا الشهر، فعلى سبيل المثال ينصح بأداء التمارين الرياضية بعد الإفطار بدلا من الصباح الباكر كيلا يشعر الصائم بالعطش أو الجوع لان ممارسة التمارين الرياضية تؤدي لزيادة التعرق وطرح الأملاح، وإذا ما كان التعرق غزيراً فإن المرء يمكن أن يشعر بالعطش وبالتعب والتقلصات العضلية المؤلمة.
ولهذا ينصح كما اشرنا بممارسة التمارين الرياضية غير المجهدة في المساء بعد مرور بعض الوقت على تناول وجبة الإفطار.
ووفقاً لآراء الخبراء فإن المشي السريع يعتبر أفضل أنواع التمارين الرياضية لان الهدف من ممارسة الرياضة ليس إجهاد الجسم، وإنما تنشيط الدورة الدموية وتحسين التهوية الرئوية لهذا ينصح لدى المشي بأخذ تنفس عميق ثم زفر الهواء للخارج وبهذه الطريقة يمكن للمرء أن يشعر بالمزيد من الحيوية ويحرق السعرات الحرارية دون أن يعاني من أية اضطرابات تذكر، وإذا ما شعر بالعطش أو الحاجة لشرب الماء فإنه في فترة بعد الإفطار يمكنه تناول الماء.
وتجدر الإشارة إلى أن أداء التمارين الرياضية في ساعات الصباح الباكرة يمكن أن تؤدي لانخفاض معدل السكر في الدم ومن جراء ذلك قد يعاني الصائم من الشعور بالدوخة والجوع الشديد ورعشة اليدين، وغير ذلك من الاضطرابات التي تستدعي منه الإفطار كيلا يتعرض للمضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن انخفاض معدل السكر في الدم.
وأخيرا لابد من الإشارة إلى ضرورة الالتزام بإرشادات الطبيب، والاهتمام بتناول الغذاء الصحي المتنوع مع التقليل قدر الإمكان من تناول الأطعمة الدسمة والثقيلة وعدم إجهاد الجسم لدى أداء التمارين الرياضية ولدى الشعور بأن توعكاً أو اضطراباً ينصح بالتوقف عن ممارسة التمارين الرياضية واستشارة الطبيب دون أي تأخير من اجل الحفاظ على الصحة والحيوية بعيداً عن المرض.