هذا من الجهل أو التهاون، والذي يحمل بعض الناس على هذا إما جهل منهم بالأمر المشروع، وإما تهاون وعدم مبالاة، وكلاهما مذموم لكن الجهل أهون من التهاون، لأن الجاهل إذا عُلِّم يسير على الطريق الصحيح، لكن البلاء بالتهاون.
ولهذا ننصح إخواننا الذين اعتادوا على هذا أن يدعوه وأن يبدءوا بالتحية المشروعة أولاً، ثم يحيوا ثانيًا فيقول إذا دخل على الناس أو أقبل عليهم: السلام عليكم، ثم يحييهم بما يناسب من التحيات الغير ممنوعة.
وكذلك أيضًا إذا دخل أحد على شخص وسلم عليه السلام المشروع فإنه لا يكتفي بقوله: أهلاً ومرحبًا أو حياك الله، أو ما أشبه هذا، فإن ذلك لا يجزئه، بل هو آثم به إذا اقتصر عليه، يعني إذا قال قائل: السلام عليكم، فالواجب أن ترد عليه بقولك: عليك السلام أو وعليك السلام أو عليكم السلام بالجمع أو وعليكم، أما إن اقتصرت على قولك: أهلاً ومرحبًا وما أشبه ذلك فإنك لم تأت بالواجب عليك من رد السلام لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [سورة النساء: آية 86].
والذي يجيب المسلِّم القائل: السلام عليكم بقوله: أهلاً ومرحبًا حياك الله لم يكن حيا بأحسن مما حيي به ولا رد، ووجه ذلك أن قول المسلِّم: السلام عليكم: دعاء بأن يسلمك الله من جميع الآفات: آفات الدنيا، وآفات الآخرة، وهو أيضًا سلام وأمن فهو سلام وإخبار بالسلام والأمن.
وأنت إذا قلت حياك الله أو أهلاً ومرحبًا لم تأت بمثله من الدعاء، وغاية ما هنالك أنك حييته بهذه التحية وهو قد حياك ودعا لك وأمنك، ففي قوله: السلام عليكم تحية ودعاء وتأمين، وفي قولك: مرحبًا وأهلاً مجرد تحية فقط، لهذا يجب التنبه لهذه المسألة وأن يرد الإنسان السلام بمثله أولاً، ثم بالتحية المباحة ثانيًا.